الطفل والدين

الكتابة للأطفال..ذلك السهل الممتنع الممتع

من “المنقول” أننا أرض المليون شاعرا، ومن “المعقول” أن نصبح أرض المليون ناثرا، ولكن هذا الترف الفكري، والسرف القولي الذي بلغ حد إزعاج “فخامته” أكثر من مرة، أهمل أو كاد يهمل ذلك الكائن الجميل الذي نسميه الطفل، فلا تكاد تسمع ندوة متخصصة في أدب الأطفال، ولا برنامجا مختصا بالتواصل مع الأطفال، أحرى أن تجد معرضا للرسوم أو الكتب الموجهة للأطفال؛ رغم أن وسائل الاتصال بالأطفال كثيرة ومتنوعة، منها التقليدي كالإذاعة والتلفزة والصحافة والسينما، ومنها الحديث كالمواقع الاجتماعية والصور والرسوم الرقمية، ورغم أن هذا الكائن الجميل قد جعله الله “مستقبلا جيدا” أكثر من الراشد، وقد وهبه قدرة على الاستيعاب والتكيف مع محيطه ومستجدات عصره.

 

ومع أنني لا أنكر وجود كتابات وبرامج موجهة لهذا الكائن الجميل فإنها – على ندرتها واستحيائها – لا يمكن أن تنسب للأطفال إلا من باب التجوز. ذلك أن الطفل كائن حي له ميوله وعواطفه الخاصة ومشاعره وأحاسيسه المتميزة. وأي إنتاج لا يأخذ تلك الخصائص والمميزات بعين الاعتبار لن يصل إلى ذات الطفل عفوا.

 

فكاتب الأطفال الناجح هو الذي يتقمص شخصية الطفل وينمحي فيها حتى يعيش أحاسيسه، بل لن يصل إلى ذلك حتى يكون طفلا مثله.!!

 

فكم من نكتة يضحك لها الراشد ملء شدقيه يشمئز منها الطفل، وكم من أغنية تسلي ذلك يتضجر منها هذا، وكم من شعر يتمايل له الكهل يمر الطفل كأن لم يسمعه.!!

فلغة الطفل لغة حلوة، تلوََّح ولا تصرح، مفرداتها سهلة فصيحة، وجملها قصيرة قصر نَفَسِ الطفل، وحروفها قليلة متناغمة، وصورها خيالية مجنحة،  توحي بأكثر من معنى، وتحيل إلى عالم مفتوح، ومعانيها تصادف هوى في نفس الطفل، وتحيل إلى ثقافته ومحيطه الاجتماعي، ورسومها ذات ألوان قزحية أخاذة، تشد الطفل إليها وتسله برفق من واقعه الحقيقي المتجاوز إلى عالم متفائل موعود.

الكتابة للطفل إذن فن إبداعي متميز له خصائصه وسماته ووسائله وأدواته، يحمل الكاتب به الطفل إلى الإنجاز وهو يضحك.

بقلم: محمد عبد الله ولد عمارو

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى